Alexandria

tourism

الإسكندرية في العصر الروماني


http://creativecommons.org/licenses/by-sa/3.0/


إن الفاتح الجديد الإمبراطور اوغسطس (30ق.م-13ق.م) عند دخوله المدينة لأول مرة سلك مسلكا حكيما وسياسة عملية رشيدة إذ اصدر عفوا شاملاً عن السكندريين والمصريين فلم ينتقم من احد ولم يطلق جنوده للنهب والسلب كما كانت العادة قديما عند فتح مدينة معادية غصبا   فيقول المؤرخ بلوتارك أن قيصر أوغسطس سار إلى المدينة يتحدث مع الفيلسوف إريوس ممسكا بذراعه الأيمن حتى يكسبه مكانة وشرف بين المواطنين ثم دخل الجمنازيوم (معهد ومنتدى لتربية وتعلم المواطنين) واعتلى منصة كانت أعدت وأخذ الناس بجلال الامبراطور المؤله فخروا له ساجدين فأمرهم بالوقوف وقال انه قد عفا عنهم لأسباب مختلفة أولا من اجل الاسكندر مؤسس المدينة ثانيا اعجابا بجمال المدينة وعظمتها وثالثا اعترافاً بفضل استاذه وصديقه أريوس ويقال ان اوغسطس ألقى خطبته باللغة اليونانية حتى يسهل على السكندريين أن يفهموه 

نظام المدينة:

لم يسمح الإمبراطور اوغسطس بقيام مجلس الشورى الذي كان معمولاً به في العصر البطلمي بل قال أن يدير السكندريين شئون مدينتهم دون أن يكون لهم مجلس شورى.

 أما هيئة الموظفين من حكام المدينة (اى السلطة التنفيذية) بقيت كما كانت في العصر البطلمي وزادت كثيرا في العصر الروماني وكانت هذه المناصب دون اجر وكان توليها يعتبر شرفا عظيما يتسابق إليه المواطنين وكان يشترط فيمن يرشح لتولى هذه المناصب أن يكون من ذوى الثراء حتى يمكنه الإنفاق على وظيفته.


الإسكندرية في ظل  السياسة الرومانية:

إن السيادة الرومانية التي فرضها اوغسطس على مصر سلبت الإسكندرية سيادتها وأهميتها السياسة ولم يرض السكندريون أصلا عن وضعهم الجديد إلا أنهم كانوا غير قادرين على الثورة ضد الحكم الروماني مباشرة وعلانية .

وقد لجأ السكندريون إلى وسيلتين للتنفيس عن غضبهم المكبوت الأولى: إطلاق النكات والسخرية من الحاكمين.

 الثانية: إفراغ غضبهم على الفئة التي تناصر الحاكم و التي تتمتع بعطفه ومحبته.

وفى نهاية القرن الثاني بدأ الصراع السياسي يشتد من جديد في روما وبدأت الإسكندرية تعلن عن سخطها على الإمبراطور الروماني بمؤازرة الثائرين عليه ،وكانت آخر ثورة اشترك فيها السكندريون ضد الإمبراطور تلك التي قام بها أحد الضباط الرومان في المدينة ضد دقلديانوس مما اضطر دقلديانوس إلى الحضور إلى الإسكندرية بشخصه لإخماد الثورة مما أصاب المدينة كثير من الأذى .


الحياة الاجتماعية:

الإسكندريه كما أنشأها الاٍسكندر وتعهدها البطالمة والرومان كانت مدينة يونانية أصلا وكانت جماعة المواطنين من العنصر اليوناني أساسا ثم من الأفراد الذين يتفوقون ويطمحون إلى الانضمام إلى جماعة المواطنين وتسمح لهم الهيئات المسئولة بالانضمام .

وفى عهد الرومان كان الأفراد من غير المواطنين يحصلون على مواطنة الإسكندرية عن طريق منحة من الإمبراطور.

    وقد ظل السكندريون يكونون طبقة ممتازة في مصر أثناء العهد الروماني في حين أن الجالية المصرية اكبر جالية بين سكان الإسكندرية من حيث الطبقة العددية حيث توافد سكان القرى إلى الإسكندرية هرباً من الضرائب الباهظة المفروضة عليهم .



الحياة الدينية:

 استمر الثالوث السكندري المكون من سرابيس وايزيس وحورس وإلى جانب هذا الثالوث الرسمي حلت في الإسكندرية عبادة الأباطرة الرومان محل عبادة البطالمة حيث كان الأباطرة يعبدون  ليس على أنهم آلهة وإنما على أنهم أشخاص مقدسة وبقيت هذه العبادة عباده رسميه تمارس في المناسبات العامة دون أن يكون لها طابع شخصي في البيوت ، كما اختلطت الأديان وامتزجت في ظل الإمبراطورية الرومانية .  




الحياة الاقتصادية: 

 إذ كان البطالمة قد اخذوا بسياسة التخطيط العام واحتكار الدولة لمعظم أوجه النشاط الاقتصادي فقد مال الرومان نحو السياسة العكسية وهى الأخذ بمبدأ الاقتصاد الحر في كثير من المجالات من اجل إنعاش البلاد اقتصادياً .

ومن الجدير بالذكر أن السكندريين قد انتعشت حالتهم الاقتصادية كثيرا من وراء التجارة الخارجية وحولوا جزء من ثروتهم إلى ملكية الاراضى الزراعية ،وفى ظل هذه الظروف نشأت الاقطاعات الكبيرة التي عرفت باٍسم الوسية في حياة مصر الزراعية أثناء القرن الأول من الحكم الروماني .

وفى مجال الحياة الصناعية والتجارية كانت الإسكندرية تعتبر اكبر مركز للصناعة والتجارة ليس في مصر وحدها ولكن في الإمبراطورية الرومانية كلها.

 وقد انتشرت صناعة الزجاج وصناعة أوراق البردى وصناعة النسيج بالإضافة إلى بعض الصناعات الصغيرة مثل صناعات الحلى والعطور والصناعات الدقيقة من أعمال الصاج وغيره وكانت تستورد خاماته من أفريقيا واسيا وتصنع فى الإسكندرية .

وقد استخدم السكندريون اساطيلهم البحرية فى البحرين الأبيض والأحمر ففى البحر الأبيض المتوسط كان لهم أول اسطول تجارى أما فى البحر الأحمر فقد احتكرت الإسكندرية التجارة الشرقية التى وصلت إلى الهند احتكاراً تاماً .


بطليموس الجغرافي


الحياة الثقافية:

أحتضن الرومان المؤسسات الثقافية والعلم في الإسكندرية بعد الفتح فبقيت المكتبة ودار الحكمة تلقيان التشجيع من الأباطرة وتبذل لعلمائها العطاءات والامتيازات المختلفة كإعفاء من الضرائب ووجد إلى جانب دار الحكمة والمكتبة مدارس وقاعات للمحاضرات يقصدها الطلاب من الإسكندرية وخارجها .

ومن أشهر علماء هذه الفترة بطليموس الجغرافي ويعتبر قمة في علم الجغرافيا القديمة وكان رياضياً وفلكياً وعالماً طبيعياً وعمل خريطة للعالم ووضع عليها الأماكن في كل بلد بنسبة أبعادها صحيحة .