Alexandria

tourism

الإسكندرية في العصر العثماني


اضمحلت الإسكندرية خلال العصر العثمانى ( 1517 – 1798 م ) وبدأ معلم التدهور والاضمحلال يظهر فى عهد الأشرف برسباى ويرجع ذلك إلى وقعة القبارصة التى تسببت فى تدمير المدينة وتخريب عمرانها واكتشاف البرتغاليين لطريق رأس الرجاء الصالح عام 1498الذى كان بمثابة ضربة قوية اصابت كيان الإقتصاد المصرى وفقدت المدينة أهميتها التجارية وانقطعت الصلة بينها وبين أوروبا والعالم الخارجى .

وبلغت شدة الإضمحلال عندما فقدت مصر استقلالتها وتحولت إلى مجرد ولاية تابعة للدولة العثمانية عام 1517.

وقد اقتصرت الصناعة فى الإسكندرية فى العصر العثمانى على بعض الحرف الضرورية للإستهلاك المحلى وكانت فى جملتها حرفاً يدوية .

وقد عانى مجتمع الإسكندرية مثلما عانت بقية اجزاء مصر من تضاؤل سلطة الدولة العثمانية فى البلاد التى أصبحت مجرد سلطة شكلية فى النصف الثانى من القرن الثامن عشر .


الإسكندرية من الحملة الفرنسية حتى عام 1807 م :

قدمت الحملة الفرنسية إلى مصر عام 1798 ووجدت مقاومة كبيرة من أهالى الإسكندرية بقيادة السيد محمد كريم حاكم الإسكندرية .

وقد حاول نابليون بونابرت التأثير على المشاعر الدينية للمسلمين وفى 4 يوليو 1798 م أبرم نابليون بونابرت وثيقة بالعهود التى أخذها الفريقان كل منهما على الأخر وقضت أن يستمر أعيان المدينة فى العمل بقوانينهم والقيام بشعائرهم ومراعاة العدل والإبتعاد عن مسالك الهوى ولا يقضى فى أمر إلا بعد الرجوع إلى رأى مجلس العلماء وقد عين السيد محمد كريم محافظاً على المدينة إلا إنه أتهم بخيانة الفرنسيين وصدر أمر بإعتقالهم واعدامه فأعدم فى 6 سبتمبر سنة 1798 م .



لقد تعرضت الإسكندرية لحالة من الفوضى والاضطراب فى أعقاب خروج الحملة الفرنسية سنة .1801 و عندما سلم الباب العالى بتعين محمد على باشا على مصر ظل حريصاً على استبقاء الإسكندرية معقلاً للنفوذ العثمانى فى مصر .

ورغم خضوع الإسكندرية لإشراف الباب العالى مباشرة فإن ذلك لم ينف حقيقة تثبيت محمد على فى حكم مصر مع ميوله الفرنسية ، وهو الأمر الذى يهدد مصالح بريطانيا وقد دفع هذا الأمر بريطانيا إلى أرسال حملة إلى الإسكندرية وفى 20 مارس 1807 استسلم حاكمها أمين أغا وفى صبيحة يوم 20 سبتمبر 1807 دخل محمد على الإسكندرية على رأس ألفين من جنده وقد ترتب على جلاء الإنجليز أن غادرها كثير من أولئك الذين اعتقدوا أنهم صاروا موضع كراهية عظيمة بسبب صداقتهم ومعاونتهم للإنجليز .


الإسكندرية فى عهد محمد على من 1807 إلى 1848 :

يعتبر استيلاء محمد على ( 1805 – 1848 ) على الإسكندرية نقطة تحول كبرى فى تاريخها وبداية بعث جديد للمدينة بحيث فاقت أيام مجدها الأول .

وقد قرر حفر ترعة المحمودية مكان ترعة الإسكندرية القديمة ( خليج الأشرفية ) وقد عمل فى حفر الترعة عدد كبير من فلاحى مديريات البحيرة والغربية والشرقية والدقهلية والمنوفية والقليوبية والجيزة وانتهى العمل بها فى ديسمبر 1820 واحتفل بدخول مياه الترعة إلى الإسكندرية فى فبراير 1821 وسميت بالمحمودية تيمناً بالسلطان محمود الثانى العثمانى وقد زللت الترعة من صعوبة المواصلات واسهمت فى تحول التجارة إلى الإسكندرية بعد أن كانت رشيد هى الميناء الرئيسى لغرب الدلتا وسدت حاجة سكان المدينة من المياه العذبة وساعدت على نمو الزراعة وانتشار البساتين فى ضواحى المدينة .


واستمر محمد على فى إقامة المنشآت البحرية والصناعية التى أدت إلى تطور الإسكندرية عمرانياً واقتصاديا  تأسيس دار الصناعة الكبرى " ترسانة الإسكندرية "  لبناء السفن الحربية لتحل محل الترسانة القديمة وصارت مركزاً لتدريب عدد كبير من المصريين على بناء السفن وعمليات الإصلاح اللازمة لها .

وقد صاحب ذلك توسيع وتطوير ميناء الإسكندرية وتعميقه وانشئ رصيفاً داخل الميناء لرسو السفن عليه وآخر للشحن وأقام فناراً فى شبه جزيرة رأس التين لإرشاد السفن القادمة إلى الميناء .

أن جهود محمد على فى إقامة تلك المشروعات وغيرها ساعدت على تغيير معالم الإسكندرية وتزايد عدد سكانها

واستتباب الأمن فى عهده وتسامحه الدينى مما جذب الأجانب واستقر غالبيتهم حول ميدان المنشية وزاد نشاطهم التجارى مما ساهم فى تطور المدينة اقتصادياً إذ تركزت التجارة الخارجية فيها وزادت إيرادات جمارك الإسكندرية وزادت أعداد السفن الأجنبية الداخلة إلى ميناء الإسكندرية بحيث أصبحت مركزاً لالتقاء الطرق العالمية .

كما انشئ بنك الإسكندرية فى عام 1842 الذى ساهم فى تنشيط حركة التجارة غير أن هذا البنك لم يستمر طويلاً فقد صفاه محمد على بعد عامين من انشائه .


الإسكندرية فى عهد خلفاء محمد على ( 1848 – 1879 ) :

1- عباس الأول ( 1848 – 1854 ) : اتفق مع المهندس الإنجليزى روبرت ستيفنسون على انشاء خط حديدى بين الإسكندرية والقاهرة وتم انشاء الخط من الإسكندرية إلى كفر الزيات عام 1854 اما          الخط من كفر الزيات إلى القاهرة فتم فى عهد خلفه سعيد باشا عام 1856 وهو يعتبر أول خط ينشأ فى افريقيا واول الخطوط التى انشئت خارج اوروبا وكان له اثر كبير فى عمران الإسكندرية ونموها وازدياد أهميتها الاقتصادية .


2-   محمد سعيد ( 1854 – 1863 ) : تدفق الأجانب بأعداد هائلة على الإسكندرية بحثاً عن المال والتجارة والثروات وبذلك أصبحت أهم المراكز المالية فى الشرق وتأسست بها بعض البنوك والشركات التجارية والملاحية وامر سعيد باشا بتطهير ترعة المحمودية واعاد حفرها من جديد واستكمل الخط الحديدى بين القاهرة والسويس سنة 1858وبذلك تم الاتصال البرى بين أوروبا والهند وقام بتوسيع وتمهيد طرق الإسكندرية وشوارعها واتم وصل الإسكندرية بالقاهرة بخطوط التلغرافات الحديثة .



3- الخديوي إسماعيل ( 1863 – 1879 ) : اعتزم الخديوي إسماعيل أن يجعل من مصر قطعة من أوروبا وقد شجع الأجانب على الاستقرار فى الإسكندرية وأقام اغلبهم حول ميدان المنشية الذى اصبح مركز التجارة الأوروبية بالمدينة واقاموا فيها عام 1873 تمثالاً من البرونز لمحمد على وسمى هذا الميدان فيما بعد باسم ميدان محمد على .

كما أهتم اسماعيل بباقى أحياء المدينة وانشئ حديقة النزهة على ترعة المحمودية وجعلها متنزهاً عاماً واقام سراى الحقانية التى انشئت بها المحكمة المختلطة وانشئ احياء جديدة بالمدينة وازداد عمران الرمل وتعاقد مع لوبون على انشاء شركة إنارة للإسكندرية بغاز الاستصباح كما عمل على مد مدينةالإسكندرية بالمياه النقية فأسس " الشركة الأهلية لمياه الإسكندرية " كما كانت الإسكندرية اسبق دول القطر المصرى فى إنشاء المجارى تحت الأرض وانشئ الإدارة الصحية وانشئ شبكة كبيرة من السكك الحديدية ربطت المدينة بالعديد من مناطق مصر كما أهتم بتدعيم وإنشاء الخطوط التلغرافية .


وقام بإنشاء حوض عائم من الحديد لاصلاح السفن احضره من فرنسا عام 1868 ليحل محل الحوض الحجرى المنشأ منذ عهد محمد على حيث أصبح لا يفى بحاجة السفن الكبيرة وحاجز الأمواج من شبه جزيرة رأس التين إلى العجمى كما انشئ عدة فنارات " فنار العجمى – فنار حاجز الميناء – فنار القبارى " كما عمل على بعث النشاط فى دار صناعة الإسكندرية ( الترسانة ) فأحيا معاملها ومصانعها وجلب لها المعدات والآلات اللازمة وجدد المدرسة البحرية ووجه عنايته إلى الأسطول التجارى مما ساعد على نمو حركة النقل البحرى ونمو التجارة الخارجية بالإسكندرية .

كما ظهرت بالإسكندرية نهضة تعليمية وذلك بإنشاء العديد من المدارس كما ترعرعت الصحافة العربية بالإسكندرية فصدرت عدة صحف " الكوكب الشرقى – الأهرام – التجارة "