Alexandria

tourism

الثورة العرابية والإحتلال البريطاني


يعتبر يوم الثلاثاء الموافق الحادى عشر من يوليو سنة 1882م من الايام المشهودة فى مصر بوجه عام وعلى الإسكندرية بوجه خاص إذ شهد هذا اليوم قيام بوارج الأسطول البحرى البريطانى بالعدوان على الإسكندرية وضربت بمدافعها حصونها المختلفة وفى هذا اليوم المشهود قام الجيش المصرى بواجبه فى الدفاع عنها بكل بسالة وشجاعة وسانده شعب الإسكندرية بكل طاقاته وإمكاناته .

وكانت مصر تشهد  قيام الثورة العرابية التي كانت تعبر عن رغبة الجيش والشعب فى التخلص من الظلم والاستبداد والتدخل الاجنبي فى شئون البلاد وكانت الإسكندرية لها موقف حازم فى تأييد الثورة العرابية بكل ما كانت تعبر وعندما زاد الخلاف بين الوزارة المصرية والخديو توفيق اعتبرت انجلترا وفرنسا هذا العمل تهديدا لمصالحها الحيوية بمصر وقررتا ارسال اسطولهما الى الاسكندرية على اثر ما بلغهما من اشتداد الخلاف الذى اعتبر من جانبهما ثورة من قبل العرابيين تستدعى التدخل وقررتا التدخل العسكرى على ان ترسل كل منهما ست بوارج الى ميناء الإسكندرية وقد ادى تتابع دخول البوارج الانجليزية الى الاسكندرية الى قلق الراى العام المصري وقد دخلت الى الاسكندرية فى يوم الجمعة التاسع عشر من مايو 1882م وما ان استقرت الدولتين على الاسكندرية واخذتا تتدخلان تدخلا سافرا فى شئون البلاد .


كان من الطبيعى ان تقوم مظاهرات عديدة حتى حدثت مذبحة الإسكندرية التى عانى فيها الاجانب وسكانها على السواء وكثر القتلى من الجانبين وبلغ عدد القتلى والجرحى 49 قتيلا منهم38 اجانب و11 من الوطنيين وعدد الجرحى 71 منهم 38 من الاجانب و33 من الوطنيين ادى هذا الحادث الى استياء العرابيين لأنه منح انجلترا وفرنسا فرصة للتدخل فى شئون البلاد بحجة حماية ممتلكات رعاياهما  وفى اواخر مايو 1882م بدأت انجلترا تعلن عن نيتها الانفراد بالتصرف فى شئون مصر وبدأت فى حشد القطع البحرية بناء على طلب قائد اسطولها .


وفى 4 يوليو 1882م ارسل الاميرال سيمور الى الاميرالية البريطانية برقية يقول فيها انه سيبدأ فى ضرب الاسكندرية بعد اربعة وعشرون ساعة ما لم تسلم الى الحصون القائمة فى شبه جزيرة رأس التين والحصون المشرفة على مدخل الميناء "

وفى يوم الثلاثاء 11 يوليو 1882م امر الاميرال سيمور بضرب الاسكندرية فأخذ الاسطول البريطانى يقذف حممه على القلاع والحصون فى شدة وعنف بصورة لم يعهدها اهل الاسكندرية من قبل واستمر القذف من السابعة صباحا وحتى السادسة مساءا وكانت ذات قوة تدميرية كبيرة بينما نجد ان القنابل التى كانت تدفعها الاستحكامات الساحلية كانت ضعيفة وقصيرة المدى وسقط معظمها فى البحر قبل الوصول الى الهدفولم يقتصر الاسطول البريطانى على توجيه ضرباته الى الحصون العسكرية بل امتد الى العدوان الى مدينة الاسكندرية نفسها وكان هدف البريطانيين تدميرها والحاق ابلغ الضرر بدورها ومنشاتها فاخذت قنابلهم تحصد الاهالى حصدا وتدمر البيوت فوق رؤوسهم ولم يتوقف ضرب الاسطول البريطانى الا فى مساء يوم الحادى عشر من يوليو بعد ان استمر طوال اليوم واتى على جميع حصون المدينة واستحكاماتها ومنشاتها وفى خلال هذا اليوم هاجر اهالى الاسكندرية وانتشروا على ضفاف ترعة المحمودية والقرى الواقعة على طريق الاسكندرية –القاهرة وقد بلغ عددهم 150 الفا وكانوا فى حالة لا يرثى لها لما حل بمدينتهم واسرهم .





وفى منتصف الساعة السادسة مساء يوم الاربعاء 12 يوليو 1882م عجزت حصون الاسكندرية عن الاستمرار فى المقاومة واعطى الاميرال سيمور اوامره بالكف عن ضرب الاسكندرية التى اصيبت بالخراب والدمار وكانت قنابل الاسطول الضخمة تنهال على المدينة وتخترق احياءها وتدمر المنازل من ناحية وتشعل النيران من ناحية ولم ينفرد الضباط والجنود المصريين بالدفاع عن الاسكندرية وانما شاركهم اهالى الاسكندرية فقد تطوع السكندريون وقدموا ما استطاعوا من معونة وخدمات شهد بهذا الشيخ محمد عبده حين قال (فكان الرجال والنساء تحت مطر الكلل ونيران المدافع ينقلون الذخائر ويقدمونها الى بقايا الطوبجية الذين كانوا يضربونها ) واكد احمد عرابي (فى اثناء القتال تطوع كثير من الرجال والنساء فى خدمة المجاهدين ومساعدتهم فى تقديم الذخائر الحربية واعطائهم الماء وحمل الجرحى وتضميد جروحهم ونقلهم الى المستشفيات).




وفى اليوم السادس عشر من يوليو 1882م ارسل الاميرال سيمور بناء على اقتراح من الخديو توفيق سفينيتين الى ابى قير للسيطرة على منطقتهاى اذا حاول عرابي هدم سدها وغمرها بمياه البحر واصدر الخديو توفيق فى اليوم العشرين من يوليو 1882م امر بعزل عرابي من وزارة الحربية والبحرية وتعيين عمر باشا لطفى محافظ الاسكندرية بدلا منه واذاع هذا الامر على شعب الاسكندرية وطالبهم بالانضمام تحت لوائه لمناصرة الجيش البريطانى والامتناع عن معاونة العرابيين ولم يؤثر ذلك على مشاعر الامة التى انضمت كلها الى جانب عرابي وقد استمرت التعزيزات البريطانية ترد الى الاسكندرية  وقد قامت عدة معارك فى الميدان الغربي بين الانجليز والعرابيين كانت فى جملتها فوز للعرابيين والانجليز لم يحققوا من خلالها اى نجاح حتى تمت عملية الغزو من الجبة الشرقية والتى ترتب عليها احتلال بريطانيا لمصر فى عام 1882م .

وعلى الرغم من الاحتلال البريطانى لمدينة الاسكندرية ورغم ما فرضه عليها من قيود فقد استطاعت ان تنهض من جديد بعد الكارثة   وان تستعيد مركزها كأهم ميناء تجارى فى مصر وكعاصمة ثانية للبلاد أما من الناحية القومية فعلى الرغم من ازدياد النفوذ الاجنبي بالمدينة وبالغم من اتخاذها قاعدة بحرية للاسطول الانجليزى فى البحر المتوسط فقد قوى الشعور بالقومية لدى اهلها واصبحت من اكبر معاقل حركة مصطفى كامل ونضاله من اجل الاستقلال كما كان لها دورها الفاعل فى الحركة القومية فى اعقاب الحرب العالمية الاولى .




تأييد الاسكندرية لحركة مصطفى كامل الوطنية :-


تجددت الحركة الوطنية المصرية على يد مصطفى كامل عقب إخماد الثورة العرابية وتحكم الاحتلال البريطانى فى البلاد وكان للاسكندرية دورها الفاعل حيث القى مصطفى كامل بالاسكندرية فى 3 مارس سنة 1896م خطبته الاولى ضد الاحتلال ووسط جمع غفير من المصريين والاجانب الذين عبروا عن اعجابهم وتقديرهم وتأييدهم له فى المطالبة بالجلاء وعندما عقد الاتفاق الودي بين انجلترا وفرنسا فى سنة 1904م وتخلت فرنسا عن معارضتها للاحتلال البريطانى لمصر والتى كان يستثمرها المصريون لصالح قضيتهم فقد اصيب الرأى العام المصري بصدمة عنيفة لافتقاد مناصرة فرنسا ولهذا قدم مصطفى كامل الى الاسكندرية والقى خطبة فيها فى 7 يونيو 1904م نادى فيها بضرورة اعتماد المصريين على أنفسهم فى تحرير بلادهم كما القى مصطفى كامل خطبته الاخيرة بالاسكندرية فى 22 اكتوبر 1907م عقب استقالة لورد كرومر نتيجة للحملة القوية التى شنها ضده بعد حادثة دنشواى ونادى فيها بضرورة استمرار الكفاح الوطنى حتى تحقيق الجلاء .

وكانت الاسكندرية معقل كفاح مصطفى كامل وملهمته باسمى الشعارات الوطنية التى عبر فيها عن اعتزازه بمصر وشعبها العريق