وضع «المعمل المركزى لتحاليل ومعالجة المياه» بمعهد بحوث البترول، فى بؤرة اهتمامه، تحقيق معادلة صعبة تستهدف إيجاد حلول علمية لإعادة تدوير مياه صرف شركات البترول والزراعة، وإمكان استخدامها مرة أخرى فى الصناعات البترولية نفسها. لإيضاح هذا الدور يشير الدكتور ياسر مصطفى، نائب رئيس المعهد، إلى أن الغرض من إنشاء المعمل هو إجراء الدراسات التى تهدف للاستفادة من كميات المياه الفاقدة من عمليات الإنتاج والتكرير لشركات البترول بجانب الوصول إلى نتائج لتقليل كميات المياه المستخدمة فى عمليات التكرير نفسها. وأضاف أنه من هذا المنطلق انطلقت الأبحاث لإيجاد حلول علمية لإعادة تدوير مياه صرف تلك الشركات.وتوضيحا لخطوات الدراسة يشير الدكتور شريف على يونس، باحث الكيمياء البيئية بالمعهد، إلى أن الدراسة أجريت على مدى أربع سنوات لمواجهة مشكلة عدم وجود صرف صناعى خاص لشركات قطاع البترول المقامة فى منطقة ترعة الإسماعيلية، حيث تم التقويم البيئى للمنطقة، وشمل طبيعة المياه والتربة فيها، وتبين أن نسبة تلوث المياه والتربة بالمواد العضوية وغير العضوية كانت بنسب عالية. ونظرا لأن منسوب مياه الترعة ثابت كان ذلك كله، كما يؤكد، ذا تأثيرات مضرة على الزراعات بسبب ريها بتلك المياه مما يؤثر على الصحة العامة، لذلك حددت الدراسة هدفها فى إعادة تدوير مياه تلك الشركات، وإمكان استخدامها مرة أخرى، فى نفس الصناعات البترولية مع استخدام بعض المخلفات الزراعية والصناعية فى عملية إعادة التدوير لمعالجة المياه تمثلت فى استخدام مخلفات زراعية مثل قشر البرتقال، وقش الأرز، ومصاصة قصب السكر. وأضاف الدكتور شريف أن تلك المواد الكيماوية والأروماتية التى تدخل فى الصناعات البتروكيماوية والمطهرات والصبغات تكون نسبة ذوبانها فى المياه عالية، وتكسيرها يكون صعبا جدا، وأقل تركيز لها يسبب سمية عالية لذلك فهى عالية الخطورة، وكان الهدف التخلص منها بمعنى إزالة تلك الملوثات الكيماوية من المياه باستخدام الكائنات الحية الدقيقة. وهنا تتدخل الدكتورة نور شفيق الجندي، رئيسة معمل التكنولوجيا الحيوية بالمعهد، مشيرة إلى أننا فى مصر نواجه مشكلتين هما نقص المياه، وتراكم المخلفات، لذا ركزت الدراسة على ترشيد الاستهلاك المائي، وإعادة تدوير المياه المستخدمة من خلال الاستفادة من المخلفات الزراعية. وتضيف أنه تم التوصل إلى تحقيق ثلاثة نجاحات، هى إنتاج إنزيمات من المخلفات الزراعية يمكن استخدامها فى إنتاج علف للحيوان كما تدخل فى صناعات أخرى، وبذلك تكون أوفر تكلفة من استيرادها من الخارج، لأنها غالية التكلفة، وكذلك إمكان إنتاج إيثانول حيوي، يستخدم كبديل للجازولين أو البنزين، كما يمكن بعد تنقيته أيضا أن يدخل فى صناعات الدواء، وأدوات التجميل. أما النجاح الثالث فهو استخدام كل المخلفات الزراعية، بحيث تصبح لدينا معادلة «صفر مخلفات زراعية»، وأيضا «صفر مخلفات مياه صرف صناعي»؛ لأن الدراسة توصلت إلى كيفية تنقية مياه الصرف الصناعى عن طريق الكائنات الحية الدقيقة، وهذه الطريقة متبعة فى تنقيه التربة بشكل جيد لكن تنفيذها مع المياه خاصة المفتوحة مثل البحار والمحيطات التى كانت مشكلة صعبة التنفيذ لأن المواد الغذائية التى تتم إضافتها للمياه يتم انتشارها فى المياه. وتضيف: «بالتالى نلجأ لمعالجتها بشكل خارجي، ولكن كان التحدى أمامنا أن نعالجها كما هى فى أماكنها، ففكرنا فى استخدام مدخلات تكون كثافتها خفيفة تطفو على سطح المياه، وهى مواد يمكن لها أن تقوم بعملية امتصاص، حيث يمكن للمواد السائلة البترولية أن تتخلل المياه. وتلك المدخلات مخلفات عملية إنتاج الإيثانول إذ تبين أن مصانع إنتاج السكر من قصب السكر لديها مخلفات بكميات هائلة من مصاصة القصب، فنستخدم جزءا منها فى إنتاج طاقة داخل المصنع بجانب صناعة الخشب الحبيبي، بينما يتم حرق الباقي. وتستطرد أنه فى دراستنا هذه تمت الاستفادة من الكميات إلى يتم صرفها فى تنظيف المخلفات المائية بكفاءة عالية ثم تأتى مرحلة يتم فيها وضع المخلفات التى نحصل عليها من المياه، فى شكل بلوكات يمكن استخدامها كبديل للمازوت. وعن إمكان تطبيق تلك الدراسة، وتحقيق نتائجها فعليا، أشار الدكتور ياسر مصطفى إلى أنه توجد الآن مشاورات عدة مع شركات تكرير البترول لإمكان تطبيق ذلك، ولتعميم تلك النتائج، وفق قوله.