كان العمود موضع إعجاب الجميع لضخامته وتناسق أجزائه .. وكانت المنطقة التي يقع فيها العمود محط الأنظار والاهتمام في الزمن القديم.
أقيم عمود السواري فوق تل باب سدرة بين منطقة مدافن المسلمين الحالية والمعروفة باسم (العمود ) وبين هضبة كوم الشقافة الأثرية .
وقد عرف تل باب سدرة (الذي يقع فوقه العمود) منذ أيام الإسكندر بأنه" أكر وبوليس الإسكندرية" أي المكان المرتفع الحصين الذي تقوم عليه أهم آثارها ومعابدها وهو نفس الموقع الذي كانت تحتله قرية راكوتيس الفرعونية .
عرف عمود السواري خطأ منذ الحروب الصليبية باسم عمود" بومبي " ويرجع هذا الخطأ إلى أن الأوربيين ظنوا أن رأس بومبي ( القائد الروماني الذي هرب إلي مصر فراراً من يوليوس قيصر وقتله المصريون ) ظنوا أن رأسه قد وضعت في جرة جنائزية ثمينة ووضعت فوق تاج العمود .
كما عرف العمود باسم " عمود ثيودوسيان ( في العصر البيزنطي )
وتعود تسمية العمود باسم عمود السواري إلى العصر العربي حيث يعتقد أنها جاءت نتيجة ارتفاع هذا العمود الشاهق بين 400 عمود أخرى والتي تشبه الصواري ( صواري السفن ) ولذلك أطلق عليه العرب " عمود الصواري" .. السواري فيما بعد.
يقع عمود السواري في مكان متوسط في بهو معبد السرابيوم ( وهو المعبد الذي سمي في أيام العرب بقصر الإسكندرية ).. ويقع العمود في مكان بارز بين الآثار القائمة على ذلك التل المرتفع مما يسمح برؤيته من مكان بعيد .
صنع عمود السواري من حجر الجرانيت الأحمر .. وجسم العمود عبارة عن قطعة واحدة طولها 20,75 متراً..
قطرها عند القاعدة 2،70متراً..وعند التاج 2.30 متراً.
يبلغ الارتفاع الكلي للعمود بما فيه القاعدة حوالي 26.85 متراً .
تم استخدام مجموعة من الأحجار المختلفة الأشكال والتواريخ في إقامة أساسات هذا النصب التذكاري الهام.. يرجع بعضها إلى مباني قديمة .. منها قاعدة تمثال من الحجر الأسود الضارب للخضرة
وجد على قاعدة العمود نقش يوناني .. كما وجد كتلة من حجر الصوان عليها اسم الملك أبسماتيك الأول من ملوك الأسرة 26 (663- 609 ق.م )
وجد أيضا ً في أساسات العمود كتلة أخرى من حجر الصوان منقوشة بالهيروغليفية تحمل اسم الملك سيتي الأول من ملوك الأسرة 19 (1318 -1208 ق.م )
عثر أيضاً في أساس العمود على قطعة مكتوب عليها بالهيروغليفية ( محفوظ بالمتحف البريطاني ) وعليها جزء من اسم الملك سنوسرت الثاني أو الثالث وكلاهما من ملوك الأسرة الثانية عشرة .
لم يتم تحديد تاريخ إنشاء هذا العمود على وجه الدقة لكنه يعود للعصر الروماني .. وقيل أن هذا العمود اهدي للمسيحية بعد انتصارها في الإسكندرية .
والأرجح أن هذا العمود قد أقامه السكندريون للإمبراطور الروماني " دقلديانوس " تعبيراً عن شكر السكندريين له .. وتحدثأ بفضله وكرمه معهم .. بعد أن جاء إلى مصر في النصف الثاني من القرن الثالث .. وأخمد الثورة التي قام بها في الإسكندرية القائد الروماني دوميتيانوس الملقب ب ( أخيل ).. فأعاد دقلديانوس الهدوء والاستقرار والرخاء إلى المدينة .
تم قطع هذا العمود من محاجر الجرانيت في أسوان .. وبعدها تم نقله بطريق النيل ثم حمل في الترعة التي تمد الإسكندرية بالماء العذب .. وكانت تبعد في جزء منها عن الأكروبوليس بمسافة 570 متراً .. فتم نقله بطريق العربات الممتد بين الترعة وأحد جوانب الترعة .
وقد أقيم العمود على منحدرين أحدهما يصل إلى الشمال والآخر إلى الجنوب وهذه الطرق جزء من مساحة معبد السرابيوم .
يوجد بجوار عمود السواري تمثالان لأبي الهول على أحدهما نقش للملك حور محب من الأسرة ال12.