ما بين عامى 2017 و2018 خطوات هائلة وجهود مضنية قدمها عدد من الشباب المصرى الطموح بدعم من مؤسسة الرئاسة وبالتنسيق مع جميع المؤسسات المعنية، ليتحول منتدى شباب العالم من مجرد ملتقى سنوى إلى منصة دولية للحوار تتلاقى فيه مختلف الحضارات والثقافات، ويطرح خلالها الشباب أفكارهم وآمالهم حول مستقبلهم، ويبحثون عن حلول واقعية للتحديات المشتركة التى تواجه دولهم وشهدت مدينة شرم الشيخ جهودا مكثفة لوضع اللمسات الأخيرة لاستقبال الضيوف المشاركين فى النسخة الثانية من المنتدى الذى يقام خلال الفترة من 3 إلى 6 نوفمبر المقبل تحت مظلة الأكاديمية الوطنية لتأهيل وتدريب الشباب، بمشاركة 5 آلاف شاب وفتاة من 145 دولة. ويدور المحور الرئيسى لفعاليات المنتدى هذا العام حول رؤية مستوحاة من كتاب «الأعمدة السبعة للشخصية المصرية» للكاتب الراحل د. ميلاد حنا، الذى أكد وحدة النسيج المجتمعى المصري، رغم تباينه واختلافه، وانطلاقا من تلك الرؤية كانت الدعوة إلى عقد جميع فعاليات المنتدى فى إطار تلك الأعمدة والرؤية المبهرة للمجتمع المصرى الذى استطاع على مدار عصور طويلة أن يكون مركزا للتواصل بين مجتمعات عدة . وكما ورد بكتاب الدكتور ميلاد حنا وصف الأعمدة السبعة، يتمثل العمود الأول فى انتماء مصر الفرعوني، والذى يعد أول الأعمدة التى تقوم عليها الشخصية المصرية، حيث يعتز بها المصريون، لما تمثله من حضارة ضاربة فى القدم وأول حضارة مكتوبة عرفها التاريخ. أما العمود الثانى فيتمثل فى انتماء مصر اليونانى والروماني، حيث أثرت حضارة اليونان وفلسفتها فى الفكر المصري، ثم أصبحت مصر بعد ذلك ولاية تابعة للإمبراطورية الرومانية، وتتجلى أوجه ذلك التأثير فى امتزاج الأبجدية الإغريقية مع اللغة المصرية القديمة. ويتمثل العمود الثالث فى انتماء مصر القبطي، الذى تميز بوجود المدرسة اللاهوتية العريقة بالإسكندرية، حيث قدمت مصر حضارة للعالم المسيحى كان صياغة قانون الإيمان المسيحى أبرز نتائجها. أما العمود الرابع فيتمثل فى انتماء مصر الإسلامي، حيث أدرك أهل مصر أن العلاقة الدينية مباشرة بين الإنسان وربه، فالإسلام لا يفرض عليهم قيودا ويمكنهم الاحتفاظ بالطقوس والعادات المصرية الأصيلة التى لا تخالف تعاليمه السمحة. وفيما يتعلق بالعمود الخامس، فيتمثل فى انتماء مصر العربي، حيث تحمل اللغة المصرية القديمة واللغة العربية نفس الأصل، وهناك الكثير من القواميس بها آلاف المفردات المصرية التى تشترك مع العربية فى نفس المعني. ويتمثل العمود السادس فى انتماء مصر للبحر المتوسط، حيث أن أغلب الحضارات التى مرت على مصر جاءت عبر المتوسط. أما العمود السابع والأخير، فيتمثل فى انتماء مصر الإفريقي، فرغم انتماء مصر لمنطقة الشمال المختلفة ديموغرافيا عن الجنوب، فإن لمصر تاريخا متأصلا فى القارة السمراء، فهى التى دعمت حركات التحرر الوطنى فى أكثر بلدان إفريقيا إبان عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر. وتشهد أيام المنتدى جلسات مكثفة ، حيث يشهد يوم الثالث من نوفمبر افتتاح المنتدي، يعقبه اليوم الثانى للمنتدى الذى يشهد ما يقرب من 11 جلسة، والتى تتضمن جلسات تحت عنوان «دور قادة العالم فى بناء واستدامة السلام»، و«أجندة 2063 إفريقيا التى تريدها»، وما بعد الحروب والنزاعات..آليات بناء المجتمعات والدول ، والعالم الرقمى كمجتمع مواز كيف يفرض سيطرته على عالمنا الواقعي»، و«فرص العمل فى عصر الذكاء الاصطناعي»، و«الألعاب والرياضة الإلكترونية.. لمحة من العالم الافتراضى لمجتمع الألعاب الإلكترونية»، و«دور القوة الناعمة فى مواجهة التطرف الفكرى والإرهاب». كما يتضمن اليوم الثانى أيضا جلسات تحت عنوان «التعاون الأورومتوسطي.. شراكة إستراتيجية»، و«الأمن المائى فى أعقاب التغير المناخي»، و«دور رواد الأعمال والشركات الناشئة فى النمو الاقتصادي العالمي». أما اليوم الثالث للمنتدى فيشهد جلسات تحت عنوان «المساعدات الإنسانية مسئولية دولية فى مواجهة التحديات»، و«كيف نبنى قادة المستقبل»، و«دور الفن والسينما فى تشكيل المجتمعات»، «تمكين الأشخاص ذوى الإعاقة.. نحو عالم متكامل»، و»تقليص الفجوة بين الجنسين فى سوق العمل». كما يشهد المنتدى نماذج محاكاة للقمة العربية الإفريقية، كما يشهد نموذج محاكاة حول آفاق التكامل الاقتصادي. ويشهد اليوم الأخير للمنتدى الجلسة الختامية، التى يتم خلالها إعلان التوصيات، وتشهد كلمة الختام للرئيس عبد الفتاح السيسي. وقبيل انطلاق أعمال المنتدى فى الثالث من نوفمبر تشهد أروقة المنتدى ورش عمل تحضيرية، أبرزها تمكين الأشخاص ذوى الإعاقة نحو عالم متكامل. كما يستضيف المنتدى فعاليات أخرى متنوعة لإطلاق الطاقات الإبداعية للشباب أبرزها، تخصيص «مساحة للإبداع» تعرض بها أحدث ابتكارات الشباب فى مختلف المجالات. ويقام «مسرح شباب العالم» لأول مرة لعرض مختلف ألوان الفنون؛ كالغناء والتمثيل وعروض «ستاند أب كوميدي»، ويضاف إلى ذلك عقد عدة ورش عمل شبابية لمناقشة أبرز المشروعات والقضايا الدولية الملحة. وفى إطار التحضير للمنتدي، قام فريق التسويق الدولى بجولات مكوكية فى عدد من دول العالم للتعريف بالمنتدى وأهدافه، وهو ما لقى ترحيبا كبيرا من الشباب والفتيات من مختلف الثقافات، حيث أبدوا رغبتهم فى المشاركة. وقد شهدت مرحلة التسجيل للنسخة الثانية من المنتدى زيادة كبيرة فى أعداد من سجلوا لحضور المنتدى هذا العام بالمقارنة بالعام الماضي، حيث أعلنت ادارة المنتدى عن تقدم نحو 122 ألف شاب وفتاة من 195 دولة تتراوح أعمارهم بين 18 و40 سنة لحضور المنتدي، بينهم 68 ألفا للمشاركة والحضور، و13 ألفا للمشاركة كمتحدثين فى حين تقدم 5 آلاف فنان وفنانة للمشاركة فى مسرح منتدى شباب العالم ، لتقرر إدارة المنتدى استضافة 5 آلاف شاب وفتاة من 145 دولة للمشاركة فى فعاليات المنتدى بزيادة فى الاعداد عن العام الماضى والذى شهد استضافة 3 آلاف شاب وشابة من 113 دولة وشارك فيها 222 متحدثا من 64 دولة من أصحاب الخبرات فى مختلف المجالات، وذلك من خلال 46 جلسة وأكثر من 70 ساعة عمل .