كثيرون لا يعرفون تفاصيل الجهد المبذول لتحطيم رقم قياسي، والدخول فى «موسوعة جينيس»،خاصة ما يتعلق بالمشروعات الكبرى والبطولات، كثيرون أيضا يتعاملون مع هذا الإنجاز وكأنه أمر عادي، لا يعرفون حجم الجهد الخارق والإرادة الكبيرة وراء كل تحد جديد. تسجيل محور روض الفرج بالموسوعة لم يكن وليد الصدفة ولم يحصل على لقب الأعرض فى العالم عشوائيا،بل نتيجة لعمل متواصل استمر قرابة العامين، كانت فيه الدولة حاضرة ليحتل هذا الكوبرى صفحة مميزة فى السجلات العالمية. «الأهرام» تكشف من خلال هذا التحقيق كواليس وشروط تحطيم الأرقام القياسية، وكيفية الدخول إلى عالم الموسوعة الأشهر التى تعد إحدى أدوات القوة الناعمة العالمية للدول. والبداية مع كواليس تسجيل «محور روض الفرج» كأعرض كوبرى على مستوى العالم، والتى بدأت منذ عامين عندما أبدت شركة المقاولون العرب رغبتها فى تسجيل المشروع فى الموسوعة، حيث بدأت الإجراءات المعتادة الممثلة فى البحث وهى الأطول والأصعب، حيث يتم ارسال بيانات المشروع لإدارة الأرقام القياسية بالموسوعة التى تنفذ عملية البحث عن الرقم داخل الموسوعة وخارجها من خلال فريق من الخبراء من عدة دول،وقد استغرقت هذه المرحلة عدة أشهر بهدف اعتماد فئة الرقم القياسى وتحديد الحد الأدنى المطلوب تخطيه بدقة شديدة، وبالفعل توصلت نتائج البحث لرقم مسجل لأعرض كوبرى على مستوى العالم وبفارق كبير عن المساحة المحددة لمحور روض الفرج ولكن لحسن الحظ لكوبرى «معلق»، ومع استمرار البحث توصلت إدارة الأرقام القياسية بالموسوعة للرقم المسجل لأعرض كوبرى «ملجم» فى العالم وهو كوبرى بورتمان فى كندا وعرضه تقريبا 65 مترا وسجل عام 2012،وبتحديد هذا الرقم اصبح الهدف واضحا هو ضرورة تخطى محور روض الفرج لعرض 65٫235 لكى يسجل كاعرض كوبرى ملجم فى العالم. يقول أحمد مقلد الرئيس التنفيذى والعضو المنتدب للشريك الرسمى لموسوعة جينيس فى مصر: من المعروف أن زيادة مساحة اى عمل هندسى عدة سنتيمترات يتطلب الوقت والجهد والتكلفة الكبيرة،ولكن وعلى مدار عامين من التواصل مع القائمين على تنفيذ هذا المشروع الضخم، لمس ممثلو الموسوعة فى مصر مدى الحرص على تحقيق الإنجاز وبشكل مشرف،وبالفعل تم تنفيذ الممشى الزجاجي، وتقدمت شركة المقاولون العرب بطلب رسمى لتسجيل الرقم القياسي، وتم قياس عرض الكوبرى بأحدث طريقة لقياس الابعاد ومراجعة قائمة الأدلة المقدمة، وتم تسجيل كوبري تحيا مصر بعرض67٫3 متر. ويشير مقلد إلى وجود طفرة فى مجال الإنشاءات الهندسية فى مصر، وأن تسجيل محور روض الفرج بالموسوعة يعد دليلا أمام العالم على هذا التقدم،ويضع مصر فى المقدمة بهذا المجال،خاصة أن تسجيل الأرقام القياسية فى مجال الإنشاءات الهندسية كان حكرا على الصين وأمريكا الشمالية. وكان مقلد قد اقترح عمل درع أو نصب تذكارى لهذا الانجاز، وبالفعل صمم نصب تذكارى كتب عليه «حامل رقم قياسي»، ووضع فى مكان مميز بالمحور ليكون مزارا سياحيا فى المستقبل،ويقدم هذا النصب للارقام القياسية «الايقونية» المميزة فى العالم. وينقسم التسجيل فى موسوعة جينيس للأرقام القياسية إلى فئتين : الأولى تحطيم رقم سابق، والتقدم لاعتماد فئة جديدة، وتبدأ خطوات التسجيل من خلال التقدم بطلب رسمى عبر موقع الموسوعة أو المكتب المحلي،ويتم التعامل معها من خلال مكتب مصر حيث تقييم المشاركة ومدى قابليتها لتندرج تحت إحدى فئات التسجيل وفقا لعدة شروط ، ومجموعة من الأدلة ليثبت الشخص أو الجهة تحقيقه الرقم القياسى وفقا لتلك الشروط. أما عند اعتماد فئة جديدة فيتم تحويل الطلب لفريق العمل بالمكتب الرئيسى الذى يحدد ما إذا كان يطابق شروط «الرقم القياسي» الستة وهي: أن يكون الأفضل فى العالم، وأن يكون قابلا للقياس، ويمكن تكراره وتحطيمه، وان يكون له معايير واضحة، وان يكون قابلا للإثبات، وأخيرا ان يعتمد على عامل واحد. مسئولية مجتمعية والتسجيل بموسوعة الأرقام القياسية لا يتوقف فقط على مشروعات كبرى أو أفراد، ولكن تهتم به الشركات لتحقيق الدعاية،وأيضا المسئولية المجتمعية. ويوضح الرئيس التنفيذى للموسوعة أن أحد الأرقام القياسية التى تم تسجيلها بمصر كان لأكبر عدد من الأورام الليفية التى تم استخراجها من جسد سيدة وكان 186 ورما، ولم يكن الهدف هو تسجيل الرقم القياسى فى حد ذاته،ولكن توعية السيدات بضرورة الكشف المبكر،ورفع الوعى المجتمعى بهذه الاورام . أيضا من الأرقام القياسية التى سجلت لإحدى شركات الملابس، والذى نظر له من جانب البعض نظرة ضيقة،بينما كان الهدف من تسجيل الرقم هو إطلاق حملة للكشف المبكر والتوعية بسرطان البروستاتا عند الرجال و استهدفت نحو 10000 رجل فوق سن ال40 بالكشف والعلاج المجاني. ويقول مقلد: عملنا لا يتوقف على تسجيل رقم قياسى للشركات التى تهدف للدعاية،حيث يجوب خبر تحطيم أو تسجيل رقم قياسى كل أنحاء العالم،ويحقق للشركات دعاية جيدة،ودورنا أن نضيف لهذا قيمة توعوية أو فعلية للمجتمع. مصر الموسوعة وكانت الموسوعة التى انطلقت فى بريطانيا منذ 60 عاما، قد أسست فرعها فى مصر عام 2017 لتسليط الضوء على المجتمع المصرى بعد أن استشعر القائمون عليها وجود إمكانات كبيرة لدى المصريين، وإمكانية رصد أرقام قياسية جديدة. وخلال العامين الماضيين تم التقدم لتسجيل نحو 10 أرقام قياسية جديدة، منها فئات جديدة تسجل لأول مرة مثل محاولة رفع علم مصر أثناء التحليق بالبراموتر والتى لم تتحقق بعد، و لكن تم فتح هذه الفئة الجديدة بفضل محاولة مصرية، أيضا فتح فئة جديدة بأكبر مرسوم عن طريق GPS باستخدام الدرجات والتى تمت بالتعاون بين الهلال الأحمر المصرى وإحدى شركات الأجهزة الطبية. وبمناسبة يوم القلب العالمى تم تنظيم حملة توعية لتبنى أسلوب حياة صحي، بالتعاون مع الاتحاد المصرى لركوب الدراجات، ومنتخب مصر للدراجات، تم رسم شكل قلب من خلال قيادة الدراجات لمسافة 761 كيلومترا حول دلتا النيل، ولمدة ثلاثة ايام متواصلة،وكانت الرسالة «المصريون اصحاب قلب كبير». ايضا يتم الإعداد لتسجيل أكبر مبنى سكنى فى العالم فى مصر، وتقدمت الشركة صاحبة المشروع بطلب التسجيل وجار الإعداد لذلك، كذلك استطاع المصريون أن يفتحوا فئة جديدة داخل الموسوعة لأكبر جهاز تجربة محاكاة طيران منزلى فى العالم،من تصميم مهندس مصري، ومن المنتظر تسجيلها قريبا، ومن المتوقع أيضا تحطيم مصر لرقم قياسى سابق لأكبر مائدة يوم 1 يونيو القادم بتجهيز مائدة إفطار طولها يزيد على 3000 متر فى العاصمة الادارية الجديدة، وبحضور ممثل من موسوعة جينيس بهدف تسليط الضوء على هذا الانجاز. ويقول الرئيس التنفيذى للموسوعة بمصر :اتمنى ان يصبح تحطيم الأرقام أسلوب حياة عند المصريين، لما فيه من اصرار و تحد وتنافسية،وتسعى الموسوعة للتواصل مع جميع الجهات والمسئولين فى مصر، ومستعدون لفحص اى مشروع أو إنجاز يستشعر القائمون عليه،أنه قد يسجل كرقم قياسى يضاف لسجل المصريين بالموسوعة الذى يتخطى 60 رقما التحدى الكبير وقد يعتقد البعض أن تسجيل رقم قياسى جديد أو تحطيم رقم سابق هو أمر سهل، ولكنه فى الحقيقة يحتاج لتحضيرات عدة وتدريبات شاقة، وبخاصة إذا كان رقما يتضمن تحديات رياضية وجسدية كبيرة وعن هذا يحدثنا الغطاس المصرى أحمد جبر الذى استطاع أن يسجل ثلاثة أرقام قياسية فى هذا المجال، حيث سجل فى عام 2014 رقمين قياسيين لأعمق غوصة للرجال وأعمق غوصة فى الماء المالح على عمق 332 مترا و35 سم، وذلك بمنطقة دهب، وفى عام 2015 استطاع جبر أن يسجل رقما جديدا بجمع 615 غواصا بهدف تنظيف قاع البحر . يقول جبر:» كان دافعى الأول للغطس على عمق أكثر من 300 متر تحت الماء هو قياس قدراتى الشخصية، فعلى مدار التاريخ لم يستطع سوى ثلاثة أشخاص فقط على مستوى العالم تحقيق ذلك العمق، ولأننى أمارس الغوص منذ الصغر، فقد قررت أن أخوض هذا التحدي» التفوق طبع أصيل فى شخصية الانسان، وهذا ما يدفع شخصا للتفوق على غيره، ويسعى لتحطيم ارقامه السابقة».. هكذا بدأ الدكتور شريف أبو فرحة ــ خبير التنمية البشرية والمحاضر فى العلاقات الإنسانية ــ حديثه موضحا أن التفوق هنا يعنى تحقيق إنجاز ما فى الحياة،وأن الإنسان لا يمكنه العيش فى بيئة أو حياة مرفهة بالكامل، وسوف يبحث فى هذه الحالة عن «الشقاء»! ويوضح أن أكثر الشعوب التى عملت على دراسة ووضع نظريات علمية فى هذا المجال هم اليابانيون الذين وضعوا نظرية «كايزن»، والتى تعنى التحسين والتطوير المستمرين، ثم نظرية «هوشين كانري» فى الادارة،و لها مبدأ اصيل فى عملية التحسين المستمر، والتى تحمل شعار «خطط نفذ.. صوب افعل..كرر من البداية»، وتدعو لأن نخطط لكل شيء نفعله بشكل يومي، وأن ننفذ بدقة ما تم تخطيطه، ثم نصوب ما تم تنفيذه،ولا نتوقف لحظة عن التحسين. وهو ما تم على سبيل المثال فى مجال التعمير، و تكلل بتحقيق رقم قياسى جديد يجب ألا نتوقف عنده، ولكن أن نستمر فى تحقيق المزيد من التطوير والتحسين. وعن هوس البعض بفكرة تحطيم الأرقام القياسية، وما إذا كان ذلك يعتبر من باب تحقيق الإنجازات، يرى أبو فرحة أن التحسين والتطوير يجب ألا يتوقف، ولكن هذا لا يعنى أن ينجرف الشخص نحو تحقيق أهداف لا يحتاجها،أو الدخول فى تحديات بلا طائل فى سبيل تحقيق رقم قياسي، لابد أن تتضمن انجازا حقيقيا فى مجال احتياجات هذا الشخص. مصريون فى «موسوعة جينيس» فى عام 2010 حصلت مصر على الرقم القياسى لإحراز بطولة كأس الأمم الإفريقية، بسبع بطولات فى أعوام 1957 و 1959 و 1986 و 1998 و 2006 و 2008 و 2010 هشام نسيم عبر هضبة الجولف الكبير فى 5 ساعات و 7 دقائق وحقق هذا الرقم القياسى فى 9 يوليو 2012 الغواص المصرى ولاء حافظ صاحب أطول فترة غوص فى المياه المالحة بمجموع 51 ساعة و 24 دقيقة و 13 ثانية سُجل الرقم فى عام 2015 فى يونيو 2017 سجل على عبده رقما قياسيا لأكبر مسافة تم قيادتها على دراجة موتوكروس فى 24 ساعة من قبل فرد وهو 613.59 كم سُجل حارس المرمى عصام الحضرى صاحب الرقم القياسى لأكبر لاعب سنا يلعب فى كأس العالم فى 25 يونيو 2018